أنقرة 02 ربيع الأول 1446 هـ الموافق 05 سبتمبر 2024 م (صونا) – وقع الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان، والمصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، على البيان المشترك للاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.
ونشرت دائرة الاتصال في الرئاسة التركية البيان المشترك الذي أشار إلى أن عام 2025 يوافق الذكرى المئوية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ومصر، وإرادة البلدين في رفع الشراكة والتعاون بينهما في كافة المجالات إلى المستوى الاستراتيجي.
وشدد البيان المشترك على “أهمية استكشاف سبل جديدة للتعاون بين البلدين على أساس مبدأ المصلحة المتبادلة والتضامن”، وذكر أن الطرفين “يهدفان إلى تعزيز السلام والازدهار والاستقرار في محيطهما وخارجه، ويكرران التزامهما بمبادئ وقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.
وأفاد أن البلدين “ملتزمان بتعزيز التنسيق والتعاون الدوليين من أجل المساهمة في الجهود الدولية ومكافحة التحديات العالمية، بما في ذلك التنمية المستدامة وتغير المناخ وحماية البيئة والأمن الغذائي، من خلال الشراكة الاقتصادية ذات المنفعة المتبادلة”.
– تكثيف الجهود المشتركة
وأعرب البيان عن الارتياح لتوقيع مذكرات تفاهم بين البلدين في مجالات المالية والبيئة والتخطيط العمراني والصحة والطاقة والأعمال والزراعة والطيران المدني وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتعليم العالي والعمل والتوظيف والتعاون وتعزيز القدرات، والسكك الحديدية وسياسة المنافسة والتعاون بين الأكاديميات الدبلوماسية.
ولفت إلى أن البلدين قررا زيادة الجهود المشتركة من أجل تنويع وتعميق التعاون والتنسيق متعدد الأبعاد بين الطرفين من خلال تحديث الإطار القانوني الثنائي القائم في كافة المجالات بما يتوافق مع الاحتياجات.
وذكر أن “مجموعة التخطيط المشتركة” برئاسة وزيري الخارجية في كلا البلدين ستبدأ العمل على مواصلة تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات، على أن يتم إقرارها في الاجتماع القادم لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.
وأعرب الطرفان عن رغبتهما في زيادة حجم التجارة البينية إلى 15 مليار دولار أمريكي (سنويا) من خلال مواصلة تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية واستغلال الإمكانات القائمة.
كما أشار البيان إلى أن الطرفين اتفقا على مواصلة تحسين البيئة الاستثمارية في بلديهما لرجال الأعمال، وقبلا اتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة المشاكل لدى الجانبين وتشجيع الاستثمارات الجديدة.
وجدد البلدان رغبتهما في دعم الاستثمار الأجنبي المباشر وأعربا عن استعدادها لتعزيز تعاونها في مجالات الصناعة والبنية التحتية، وأنه سيتم تشجيع التعاون الثنائي في مجالات المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال من خلال دعم رواد الأعمال الشباب لتنفيذ مشاريع مشتركة.
كما أعرب الطرفان عن التزامهما بتعزيز وزيادة المشاريع الاقتصادية المشتركة وفرص الاستثمار المتبادل في كافة المجالات من أجل ضمان التكامل من حيث الإنتاج والاستهلاك وكذلك الصادرات إلى دول أخرى في إفريقيا وأوروبا والعالم.
ويشجع الطرفان، بحسب البيان، المشاركة الدورية في معارض ومؤتمرات التجارة والفعاليات الاقتصادية مثل المنتديات والندوات والمؤتمرات وورش العمل في كل من تركيا ومصر، وكذلك تبادل وفود التجارة والأعمال بين الطرفين.
– تعاون وثيق في مجال الطاقة
البيان المشترك شدد على استعداد البلدين لمواصلة الحوار السياسي والدبلوماسي بينهما، وتوسيع نطاق التشاور في المجالات المختلفة مثل العسكرية والأمنية والشؤون القنصلية.
وأكد الطرفان على أهمية “التعاون الوثيق” في مجال الطاقة وتطوير الحوار حول العلاقات الثنائية والمشروعات المشتركة والاستثمارات، فضلاً عن دعم التعاون في التحول في مجال الطاقة، وتحديداً مجالات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة بناءً على مبدأ المنفعة المتبادلة.
وأقر البلدان بأهمية التعاون الثنائي في المسائل البيئية، وفي إطار المنظمات الدولية التي تتمتع الدولتان بعضويتها بهدف مكافحة تغير المناخ، وإيقاف فقدان التنوع البيولوجي، ومنع التصحر، وتدهور الأراضي، والتحديات الشبيهة الأخرى.
وأعربا عن دعمهما تعزيز التعاون الثنائي في مجال الطيران المدني وتشجيع السلطات المعنية لتسهيل إجراءات تسيير الخطوط الجوية، وزيادة عدد الرحلات الجوية وتسهيل عمل شركات الطيران والمساهمة في تنويع روابط النقل الجوي من خلال إطلاق رحلات على مسارات جديدة.
– مذكرة تفاهم جديدة
اتفق الطرفان في البيان المشترك على تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الإسكان والتخطيط العمراني، وأعربا عن أهمية تعميق التعاون في مجالات العمل والتوظيف والضمان الاجتماعي، وتعزيز التعاون في مجال السياسات العامة بما في ذلك حماية المرأة والأسرة والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين والمساعدات الاجتماعية.
وأعربا عن تطلعهما لتعزيز التعاون في التدريب الدبلوماسي على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف عن طريق توقيع مذكرة تفاهم جديدة بين الأكاديميات الدبلوماسية في البلدين، والتي ستحل مكان مذكرة التفاهم السابقة لعام 2007.
وأكد الطرفان على الروابط الثقافية والتاريخية بين الدولتين، وعلى تعزيز تعاونهما في مجالات السياحة والثقافة والتعليم والشباب والرياضة، وأعربا عن نيتهما تطوير التعاون في مجالات الإعلام والاتصالات ومكافحة المعلومات المضللة، واتفقا على استكشاف فرص التعاون في مجال التدريب الفني والمهني.
واتفقا على تعزيز التعاون الثنائي في مجال الرعاية الصحية والعلوم الطبية، وأعربا عن التزامهما بتطوير التعاون في مختلف المجالات المتعلقة بوسائل النقل بما في ذلك النقل البحري والجوي، والبري.
وشدد البلدان على أهمية تعزيز التعاون بين السلطات المعنية للطرفين بهدف مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره، ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود بما في ذلك تهريب المهاجرين غير الشرعيين والاتجار بالبشر وتجارة المخدرات.
وأعرب الطرفان، وفق البيان، عن التزامهما بتعزيز التعاون لدعم الجهود متعددة الأطراف ولتنسيق المواقف ذات المنفعة المتبادلة في المنظمات الدولية والإقليمية، فضلاً عن الاستمرار في التنسيق والتشاور بين الدولتين في هذه المنظمات والدعم المتبادل للترشيحات في المنظمات الدولية “كلما أمكن”.
كما أعربا عن تطلعهما للمزيد من تعزيز التشاور حول المسائل الإقليمية بالإضافة إلى تطوير بناء القدرات في القارة الأفريقية، وموافقتهما على الاستمرار في التعاون الوثيق بالمنظمات الدولية والإقليمية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، فضلاً عن تشجيع مزيد من الحوار والتعاون بين تركيا وجامعة الدول العربية.
وجددا التأكيد على نيتهما تعزيز التعاون في إطار مجموعة الدول الإسلامية الثماني للتعاون الاقتصادي.
– دعوة لإحلال السلام العاجل في المنطقة
وفيما يخص الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، طالب الطرفان بـ”الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وتدفق المساعدات الإنسانية والطبية دون انقطاع ودون عوائق إلى قطاع غزة، وإلى جميع أنحائه، وفقاً لقرارات مجلس الأمن”.
كما طالبا بـ”التضامن القوي في جهود إعادة إعمار غزة، والاستعادة الفورية للسلام في المنطقة لمنع المزيد من التصعيد”، وأكدا على استعدادهما لـ”تعزيز مستوى التنسيق والتعاون بين تركيا ومصر لدعم جهود التعامل مع الوضع الإنساني في غزة”.
وأعرب الطرفان عن “القلق العميق” إزاء الممارسات الإسرائيلية “غير الشرعية” في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وإدانة الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، وعنف المستوطنين، فضلاً عن التصريحات التصعيدية والتحريضية ذات الصلة والاقتحامات العسكرية الإسرائيلية للمدن الفلسطينية.
ودعيا المجتمع الدولي لدعم جهود السلطة الوطنية الفلسطينية لرفع ومواجهة القيود الإسرائيلية وكذلك السياسيات والممارسات غير الشرعية، مع تمكينها القيام بواجباتها ومسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
وجدد الطرفان التأكيد على دعمهما “الثابت” للمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والحق الشرعي للشعب الفلسطيني لإقامة دولة مستقلة ذات سيادة على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مع الحفاظ علي حق العودة لكافة اللاجئين الفلسطينيين، ودعوة الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين لاتخاذ خطوات سريعة بالاعتراف بها.
وأعاد الجانبان في هذا السياق التأكيد على أهمية المبادرات الخاصة بلجنة الاتصال المعنية بغزة والتابعة لمنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية.
وأعربا عن مساندة الجهود الرامية لتحقيق وحدة الصف الفلسطيني “لأهمية ذلك في هذه المرحلة الدقيقة من عمر القضية الفلسطينية”.
– أهمية مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره
وفيما يخص الشأن السوري، أعاد الطرفان التأكيد على التزامهما المشترك بتحقيق الحل الدائم والشامل للصراع في سوريا اتساقاً مع قرار مجلس الأمن رقم 2254.
والقرار 2254 أصدرته الأمم المتحدة عام 2015 ويهدف إلى تشكيل حكومة انتقالية وإعداد دستور جديد وإجراء انتخابات في سوريا، ويتضمن إجراءات بناء الثقة وتهيئة الأجواء لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
وشدد البلدان على أهمية مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره في سوريا مع التأكيد على أهمية سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية؛ وأهمية مساعدات الإغاثة الإنسانية ومشروعات التعافي المبكر للشعب السوري، وطالبا المجتمع الدولي بمواصلة الجهود على “مستوى مرضٍ”.
البيان المشترك أكد أهمية دعم سيادة واستقرار العراق، وأعرب عن دعم تركيا مصر لجهودها نحو التنمية وإعادة الإعمار.
وأكد البلدان تطلعهما لدعم عملية سياسية بملكية وقيادة ليبية، وبتسهيل من قبل الأمم المتحدة بهدف الحفاظ على أمن واستقرار وسيادة ليبيا وسلامتها الإقليمية ووحدتها السياسية.
واتفقا على أهمية ضمان السلم والأمن والاستقرار في القرن الأفريقي والحفاظ على علاقات حسن الجوار والصداقة، فضلاً عن الاحترام المتبادل للسيادة والسلامة الإقليمية لكل دولة.
وأعربا عن أسفهما وقلقهما إزاء الصراع الجاري في السودان، والذي أدى إلى تبعات إنسانية “مدمرة” في أرجاء السودان والمنطقة، ورحبا بالمبادرات الخاصة بحل الأزمة سلمياً، وأبديا دعمهما الجهود الدبلوماسية المشتركة في هذا السياق.
وأكد البيان المشترك تصميم تركيا ومصر على الاستمرار في الجهود المشتركة لمزيد من تعزيز العلاقات في كافة المجالات، “وهي العلاقات التي تستمد قوتها من أواصر الصداقة عميقة الجذور، وذلك لخدمة مصالح الشعبين الصديقين والشقيقين والمنطقة بأسرها”.