جدة 24 رمضان 1440 الموافق 29 مايو 2019 (صونا) – تنطلق اليوم في مدينة جدة اجتماعات وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، لمناقشة الموضوعات التي ستطرح في الدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية العادية لمنظمة التعاون الإسلامي، التي تستضيفها مكة المكرمة.
وتنعقد القمة الإسلامية في دورتها العادية تحت شعار «قمة مكة… يداً بيد نحو المستقبل»، بحضور قادة الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، من أجل بلورة موقف موحّد تجاه القضايا والأحداث الجارية في العالم الإسلامي، فيما سيرفع عقب نهاية اجتماع وزراء الخارجية للدول الأعضاء مشروع البيان الختامي إلى القمة الإسلامية لاعتماده.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن نحو 11 موضوعاً رئيسياً سيجري طرحها خلال اجتماع اليوم، في مقدمتها قضية فلسطين وحالات النزاع في العالم الإسلامي، ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، والإسلاموفبيا، والوضع الإنساني في العالم الإسلامي، مع تعزيز التعاون العلمي والثقافي والإعلامي، والقضاء على الفقر، وتحقيق التنمية المستدامة في الدول الأعضاء.
ويأتي انعقاد القمة الإسلامية في ظروف استثنائية تمر بها المنطقة العربية والإسلامية، خاصة بعد أن سجّلت الأيام القليلة الماضية كثيراً من الأعمال الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة، بعد أن تعرضت 4 سفن شحن تجارية من عدة جنسيات، منها ناقلتا نفط سعوديتان لـ«عمليات تخريبية» في مياهها قبالة إيران، شرق إمارة الفجيرة. ووفقاً للتقييم المبدئي الذي أعلن في 14 مايو (أيار) من قبل فريق تحقيق أميركي، فإن «إيران أو وكلاء تدعمهم» وراء الهجوم الذي استخدمت فيه أجهزة متفجرة.
ويرى مراقبون أن القمة الإسلامية ستخرج بقرارات مهمة ورادعة لعمليات التخريب والاستهداف المباشر للمرة الثالثة من قبل الميليشيات الحوثية التابعة لإيران، لمكة المكرمة، بصواريخ باليستية، والتي تصدّت لها قوات الدفاع الجوي السعودية، ما يؤكد مدى تورط النظام الإيراني في دعم الميليشيات الحوثية المسلّحة بقدرات نوعية، بهدف تهديد أمن السعودية وتهديد الأمن الإقليمي والدولي.
هذه الأعمال التخريبية وتهديد أمن المنطقة المستمر، والتي كان منها استهداف مواقع حيوية لمحطتي ضخّ لخط أنابيب النفط في السعودية بطائرات درون مفخخة أرسلتها الميليشيات الحوثية، لا بد من ردعها بعمل عسكري، كما يرى مراقبون، وهو ما وافقت عليه السعودية وعدد من دول مجلس التعاون الخليجي، عبر إعادة انتشار القوات العسكرية في مياه الخليج العربي وعلى أراضي دول خليجية، بناء على طلب من الولايات المتحدة، وفقاً للاتفاقات الثنائية بين الولايات المتحدة من جهة، ودول خليجية من جهة أخرى، تهدف إلى ردع إيران عن أي اعتداءات محتملة قد تصدر منها بفعل سلوكياتها المزعزعة لأمن المنطقة واستقرارها.
ومن المنتظر أن يصدر عن القمة الإسلامية «إعلان مكة»، بالإضافة إلى البيان الختامي الذي سوف يتطرق إلى كثير من القضايا الراهنة في العالم الإسلامي، إذ من المرتقب أن يبحث القادة موقف الدول الأعضاء في المنظمة من آخر المستجدات الجارية في القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى إعلان موقف موحد إزاء التطورات الأخيرة في عدد من الدول الأعضاء.
وقال فهد الشليمي، الخبير والمحلل السياسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن السعودية استثمرت بشكل إيجابي وسياسي القمة الإسلامية بدعوتها لعقد قمة عربية وخليجية طارئة، لمناقشة الأوضاع الإقليمية والعالمية المتوترة. وإن خفت بعض الشيء، إلا إن التوتر الأميركي – الإيراني الذي لن يتجه إلى مواجهة، هو الأبرز، لافتاً إلى أن السعودية تريد من القمة الإسلامية إجماعاً واتفاقاً على مجموعة من القضايا والتعهدات، كما أن فترة رئاستها ستشهد تطوراً في العمل الإسلامي بين الدول كافة.
وأشار الشليمي أن إيران خلال الفترة القليلة الماضية تحركت دبلوماسياً، بشكل كبير جداً، وهذا التحرك لم يُشهد منذ قيام الثورة الإيرانية. «إذ قام وزير الخارجية، ونائبه، و88 سفيراً لإيران في دول العالم، بمحاولة توضيح للمجتمع الدولي أن إيران دولة ضعيفة ولا تريد الحرب، وأنها مستعدة للدفاع عن نفسها»، مرجعاً هذا التراجع لعدة عوامل، في مقدمتها «انعقاد القمة الإسلامية في مكة بهدف تحييد أي بيان شديد النفس السياسي ضد إيران».
وبالعودة إلى دور منظمة التعاون الإسلامي، فقد تأسست في الرباط عام 1969، ويبلغ عدد الدول الأعضاء في المنظمة (الإطار الجامع للعمل الإسلامي) 57 دولة، تشكل العالم الإسلامي في 4 قارات، وتمثل أكثر من مليار ونصف مليار مسلم. وتسعى المنظمة إلى أن تكون جهود أو مبادرات حلّ القضية الفلسطينية متسقة مـع المرجعيات الدولية المتفق عليها، لتحقيق رؤية حلّ الدولتين، كما تعتبر منظمة التعاون الإسلامي قضية العنف والإرهاب إحدى أكثر القضايا أولوية على أجندتها، وكانت المنظمة من أولى المنظمات الدولية تنبهاً لخطر تلك الظاهرة.
وقد بادرت المنظمة بطرح القرار رقم 16 – 18 لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الذي يجرّم التعصب والتمييز، وإصدار الأحكام النمطية السلبية، والتحريض على العنف ضد الأشخاص على أساس دينهم أو معتقدهم، وتم اعتماد القرار بتوافق الآراء في شهر مارس (آذار) عام 2011، ووضع سياسات وتشريعات تواجه تلك الظواهر السلبية.
المصدر : الشرق الأوسط.