مقديشو / وكالة صونا – ميناء مقديشو، أكبر ميناء في الصومال، يشهد لحظة حاسمة في ظل تزايد التجارة الإقليمية بين موانئ شرق أفريقيا، ما يفتح فرصًا جديدة لتعزيز دوره التجاري. منذ تعييني مديرًا عامًا في أغسطس، ركزت الإدارة على تحديث العمليات، توسيع الطاقة الاستيعابية، وتعزيز مساهمة الميناء في التجارة الإقليمية.
صنف مؤشر أداء موانئ الحاويات 2024 (CPPI)، الصادر عن البنك الدولي وS&P Global Market Intelligence في سبتمبر 2025، ميناء مقديشو كأكثر ميناء كفاءة في شرق أفريقيا، متقدمًا على مومباسا ودار السلام وجيبوتي، وحل ثانيًا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بعد ميناء داكار السنغالي.
يُعد ميناء مقديشو حيويًا للتنمية الوطنية، حيث يولد جزءًا كبيرًا من الإيرادات الفيدرالية ويخدم كبوابة رئيسية للواردات الحيوية مثل المواد الغذائية الأساسية، الوقود ومواد البناء، كما يدعم الصادرات، خصوصًا الثروة الحيوانية والسمكية. في 2024، عالج الميناء ما يُقدّر بـ 1.5–2 مليون طن من البضائع.
شهدت العمليات وتحركات البضائع تحسنًا مستمرًا تحت إدارة Mogadishu Alport التابعة لمجموعة Albayrak، بالتنسيق مع هيئة ميناء مقديشو ممثلة الحكومة الفيدرالية.
في أغسطس، تم افتتاح محطة حاويات جديدة رفعت الطاقة الاستيعابية السنوية من 150,000 إلى 250,000 وحدة مكافئة لعشرين قدمًا (TEUs)، ويعالج الميناء الآن حوالي 6,000 حاوية شهريًا، مع خدمات خطوط ملاحية منتظمة من 10 إلى 15 رحلة شهريًا، مما قلل الازدحام وأظهر أثر الاستثمار والإدارة الفعالة.
تواصل هيئة ميناء مقديشو، بتوجيه من الحكومة، خطط إنشاء ميناء حديث على بعد 35 كم من مقديشو، لاستيعاب الزيادة السريعة في التجارة البحرية وتخفيف الضغط على الميناء الحالي.
تضمنت دراسة الجدوى خطة شاملة لميناء متكامل يتجاوز الموانئ التقليدية، مع منطقة اقتصادية خاصة (SEZ)، منطقة حرة لإعادة الشحن، مراكز لوجستية متقدمة، ومناطق للصناعات الخفيفة والمصانع الصغيرة، لتصبح المنشأة مركزًا حديثًا للتجارة، التصنيع، والربط الإقليمي.
يدخل المشروع مرحلة طرح المناقصات حاليًا، مع جهود لتأمين التمويل من المستثمرين والمؤسسات الدولية وشركاء التنمية، حيث سيحول هذا الميناء والمنطقة الاقتصادية المتكاملة دور الصومال في التجارة الإقليمية والعالمية ويعزز النمو الاقتصادي المستدام.
تسهم التحسينات الجديدة في تسريع دوران السفن وتحسين مناولة الصادرات القابلة للتلف مثل الأسماك والماشية، باستخدام الأرصفة الستة، خمسة أرصفة للبضائع العامة بطول 160 مترًا، ومحطة حاويات بطول 200 متر، ضمن إطار مبادرة مقديشو الجديدة بقيمة 650 مليون دولار أمريكي لتحديث العاصمة وجذب الاستثمارات.
بفضل موقعه على ممرات الشحن الرئيسية، يلعب ميناء مقديشو دورًا إقليميًا مهمًا، حيث يربط القرن الأفريقي بالخليج وآسيا، ويدعم الدول المجاورة غير الساحلية مثل إثيوبيا وجنوب السودان. ومن المتوقع أن تتضاعف الإيرادات السنوية للميناء بحلول 2030 إلى حوالي 500 مليون دولار، مع خلق أكثر من 5,000 وظيفة مباشرة و20,000 غير مباشرة في النقل والخدمات اللوجستية والتصنيع الزراعي.
يساهم ميناء مقديشو الأقوى في تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، دعم روابط دول IGAD، وتسهيل حركة البضائع ضمن منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، ليكون بوابة آمنة وفعالة للأسواق العالمية للمزارعين والمصنعين والتجار في المنطقة.
يعكس التوسع الجاري في الميناء والمنشآت الجديدة الاستقرار المتزايد في الصومال، ويؤكد أن الاستثمار المستمر وتحسين الأمن والتعاون الإقليمي سيجعل ميناء مقديشو حجر زاوية للتجديد الاقتصادي للصومال وحلقة وصل استراتيجية للتجارة الأفريقية.
بقلم : السفير محمد علي نور (أمريكو)
المدير العام لميناء مقديشو الدولي
وسفير الدولة السابق لدى كينيا