مقديشو 01 ذي القعدة 1446 هـ الموافق29 أبريل 2025 م (صونا) – أنا أبٌ صومالي في الأربعينات من عمري. لم أشارك في أي عملية انتخابية طوال حياتي، ولم ينتخبني أحد قط. وكذلك الحال مع والديّ؛ فلم يسبق لهما أن أدليا بصوتيهما في أي انتخابات.
في عالم اليوم الحديث، قد يبدو هذا الأمر غير قابل للتصديق، خصوصًا أن معظم من هم في جيلي قد عاشوا تجارب انتخابية متكررة. لكنّ هذه الحقيقة ليست سوى لمحة صغيرة من جملة الحقوق التي فقدتها كمواطن، نتيجة لانهيار الدولة الذي طال أمده في بلادي.
واليوم، للمرة الأولى في حياتي، قمت بالتسجيل للانتخاب. وبإذن الله، سأدلي قريبًا بصوتي لاختيار مسؤولي إدارة منطقتي.
لا يهمني من سيفوز، ولا تعنيني الأجندات السياسية المختلفة. ما يملأ قلبي بالفرح العميق هو أنني استعدت جزءًا بسيطًا من حقوق المواطنة التي غابت عني طويلاً.
إن هذا التسجيل ليس مجرد إجراء إداري، بل هو بوابة أولى نحو حقوق أخرى ما تزال بعيدة المنال بالنسبة لمواطنين أمثالي. وأرجو أن يمنحني الله عمرًا يمكنني فيه استرداد تلك الحقوق تدريجيًا.
أدرك تمامًا أن هذه الرحلة لم تبدأ في ظروف مثالية. ومع ذلك، فإنني واثق أن يومًا أفضل سيأتي، بإذن الله. فكما يقول المثل: “رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.”
لديّ أمل عظيم أن أعيش أنا وأبنائي في ذلك المستقبل المشرق، وأن نكون جزءًا فاعلًا فيه.
إن هذا الدافع – هذه الرؤية لمستقبلٍ جميل ومليء بالأمل – هو ما دفعني اليوم لتسجيل اسمي كناخب.
قد يرى البعض أن التسجيل للانتخاب مجرد خطوة بسيطة، لكنه في الواقع لم يكن سهلاً على الإطلاق. بل هو ثمرة مسيرة طويلة وصعبة نحو إعادة بناء الدولة التي فقدناها ذات يوم.
وأُرجع هذا الإنجاز إلى الجهود الجماعية التي بذلها كل من شارك في الكفاح الوطني، مع شكر خاص للقيادة الحالية التي تجاوزت تحديات كبيرة، حتى بات تسجيل الناخبين في مقديشو واقعًا ملموسًا.
رسالة إلى أبناء وطني الصوماليين:
أيها المواطنون الأعزاء، إن تسجيلكم للانتخاب هو نقطة البداية لممارسة حقكم الدستوري في التصويت. إنه إعلان بأنكم لم تعودوا متفرجين على مجريات مستقبلكم، بل شركاء في صنعه. إنه وعد لأطفالكم بحياةٍ أفضل من تلك التي تحيونها اليوم. وهو أيضًا وسيلة لضمان أن يُمنح زمام القيادة لمن يستحقه فعلاً.
لذلك، لا تهدروا طاقاتكم في سجالات السياسة اليومية المتقلبة. تقدموا إلى الأمام، وتحملوا مسؤولياتكم كمواطنين واعين.
تذكروا:
اليوم، قد يعارض البعض مسارًا قد يدافعون عنه غدًا، وقد يدعمه آخرون اليوم ثم يعارضونه لاحقًا. لا لوم على أحد، فهذه هي طبيعة الحياة السياسية.
ولهذا، أيها المواطن الكريم، سر على هدي قناعتك الشخصية:
سجّل اسمك، ثم مارس حقك في التصويت بحرية – لتعارض من لا تثق بهم، وتؤيد من تؤمن بهم.
بقلم: عبد الرحمن يوسف العدالة – نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة