مقديشو 18 شوال 1445 هـ الموافق 26 أبريل 2024 م (صونا) – كما أن خلف كل صورة جميلة مصورًا بارعًا، فإن مشهد العلاقات الدولية وتشعبها وتطورها واستمرارها يقف وراءها رجال ذوو قدرات وطنية كبيرة، ويتسمون بالنشاط والجدية وربما الابتكار في تقوية الأواصر والعمل على استثمار التقارب في حصد مزيد من النتائج الإيجابية والمبادرات الخلاقة وتمهيد السبل أمام الأجيال للسير على هذا الدرب المضيء.
من هؤلاء يمكن الإشارة بجدارة إلى معالي السفير إلياس شيخ عمر سفير جمهورية الصومال الفيدرالية لدى مصر والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، والذي حالفني الحظ بلقائه مرات عديدة، لأجد نفسي أمام شخصية واعدة طوال الوقت، وإنسان على قدر عالٍ من الثقافة الرفيعة والملهمة، وإذا طالعنا ملامح العلاقات المصرية الصومالية، والتي شهدت تقدمًا كبيرًا ومتواصلا خلال السنوات القليلة الماضية، وكيف أن حرص القيادة السياسية على تقوية أواصر هذه العلاقات مع أبناء القارة السمراء جيراننا وأشقائنا في الصومال الحبيب، من توقيع العديد من اتفاقيات ومذكرات التفاهم المائية والاقتصادية والعلمية وغيرها، ومن خلال تنظيم المعارض وإطلاق البعثات التجارية مع عدة دول إفريقية، أسهم في دعم سبل التنمية المشتركة مع الصومال ودول القارة جميعها، بما أدى إلى الوصول لحالةٍ من التماسك البناءة، والتي أسهمت بدورها إلى استعادة الدول الإفريقية لمكانة القارة كعمق إستراتيجي مهم، وفي هذا الخضم الكبير من المساعي الجادة لدعم هذه المكانة الإفريقية، تبرز شخصية إلياس شيخ عمر، ذلك الدبلوماسي الذي أحب مصر حبه لوطنه الصومال، وكثيرًا ما عبر عن اعتزازه الكبير بالعلاقات الطيبة والتاريخية بين البلدين، وحرص بلاده على التنسيق الدائم في المواقف مع مصر، مؤمنا بهذا الدور المحوري الذي تلعبه مصر في المنطقة، ومثمنا الدعم المصري الكبير للصومال في أزماته المختلفة، وتأكيدها الواضح بضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية على أراضيها، وحق الصومال وشعبه في الانتفاع بموارده.
وإذ يبقى إلياس شيخ عمر موقنًا ومعتزًا بهذا الدور وتلك العلاقة الوطيدة المثمرة، فإنه يمثل أحد أركان زاوية في هذه المعادلة اللافتة، من واقع شخصيته الفاعلة النشيطة المثقفة، والمشاركة في المحافل المهمة بحضورٍ واعٍ وتأثير وثقل، مثل مشاركته في اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية على مستوى كبار المسؤولين تحضيرا لقمة المنامة، وكذلك في أعمال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين وكبار المسئولين للإعداد لاجتماع وزراء الخارجية التحضيري للقمة العربية في جدة، ومطالبته كمندوب بلاده الدائم لدى الجامعة العربية، بالتحرك لمواجهة الخروق الجسيمة التي ارتكبتها إثيوبيا ضد سيادة أراضيه، ومتابعة الملفات الحيوية في تقديم الدعم اللازم لوطنه وإعادة بناء مؤسساته ومواجهة الفيضانات والجفاف ومن قبلهما الإرهاب، والترتيب الدائم لدعم الحكومة الصومالية في جميع من المجالات.
كما تتعدد مشاركات شيخ عمر بالمبادرات الخاصة بالتعليم، اتساقًا من تكوينه المؤمن بقيمة العلم والثقافة في ضبط إيقاع مسيرات التنمية في الدول، فنجده مشاركًا مثلا بأعمال المنتدى الإقليمي للعلم المفتوح في الدول العربية” بجامعة الجلالة، وتأكيده لأهمية دعم عملية التشاور في مجال العلم المفتوح بالمنطقة، وسعيه لزيادة المنح الدراسية المصرية لطلاب الصومال، وإشادته مع المتابعة لمبادرة “ادرس في مصر”، التي رآها دالة ومعبرة ودالة على الواقع الذي يشهد تطورًا بمسيرة التعاون المصري الصومالي المشترك، إذ تقدم فرصًا تعليمية كبيرة للطلاب الصوماليين والأفارقة عموما، لندرك أننا أمام دينامو رفيع المستوى في الدبلوماسية استطاع خلال ما يزيد على ثلاث سنوات أن يضيف أبعادا جديدة ومهمة في تاريخ العلاقات بين مصر والصومال، والتي تمتد عبر التاريخ.
بقلم د. خالد قنديل