المنامة 07 ذو القعدة 1445 هـ الموافق 15 مايو 2024 م (صونا)- تولي مملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه أهمية قصوى لرعاية وصون المقدرات العربية والمساهمة في حل القضايا العربية المصيرية العادلة في إطار العمل العربي المشترك الذي ينضوي تحت مظلة جامعة الدول العربية الحاضنة الأم لجميع الأشقاء العرب، ومبعث ذلك يرتكز على التاريخ والحضارة والتراث والجذور العربية والإسلامية المشتركة ووحدة الدين واللغة والهوية والمصير التي تربط بين سائر شعوب الوطن العربي الكبير من الخليج إلى المحيط.
وانطلاقًا من تلك المقومات والثوابت، لعبت مملكة البحرين على مدار تاريخها ولازالت دورًا فاعلًا ومحوريًا في دعم وتعزيز العمل العربي المشترك في مختلف المجالات، مرتكزة في ذلك على أسس ومبادئ راسخة تقوم على مبدأ احترام سيادة ووحدة الدول العربية الشقيقة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ودعم الحكومات العربية في قراراتها المصيرية ومواقفها العادلة بما يلبي أمن واستقرار وازدهار شعوبها، والعمل على إرساء السلام والاستقرار في الإقليم، وتعزيز العلاقات الثنائية والعربية -العربية على كافة الأصعدة.
ومنذ انضمامها لعضوية جامعة الدول العربية عام 1971م ، تحرص مملكة البحرين على التفاعل المؤثر والهام في أعمال وفعاليات جامعة الدول العربية مع التزامها بميثاقها ومبادئها ولوائحها المنظمة للعمل العربي، من خلال المواظبة على المشاركة الدورية الدائمة في اجتماعات القمم العربية سواء العادية أو الطارئة على مستوى القادة، تأكيدًا على ضرورة وأهمية الحفاظ على الكيان العربي المتين والإبقاء على فرص التباحث والتشاور مهما كانت الظروف والأزمات لتوطيد هذا الرباط المقدس الذي يجمع الشعوب العربية ويشكل وجدانها ويقرر مصيرها في مواجهة التحديات المحدقة.
لقد أثبتت مملكة البحرين وعلى مدار خمسة عقود من عمر عضويتها الكاملة في جامعة الدول العربية، قدرتها وتأثيرها للانخراط والمساهمة بشكل محوري في دعم ومساندة المسيرة العربية المباركة، بفضل الرؤية الملكية الثاقبة لجلالة العاهل المعظم، وحنكة القيادة السياسية والدبلوماسية الحصيفة، وعزمها في الثبات على خيار السلام والتنمية، وهذا ما أهلها لتولي قيادة العمل العربي المشترك عبر العديد من اللجان والمبادرات والاجتماعات الرفيعة.
منذ تأسيس الجامعة العربية عام 1945م، وعقد قممها الدورية والطارئة إلا أن هناك قممًا بعينها تبقى حاضرة في الأذهان، نظرًا لما تحمله من أهمية، بسبب توقيت وظروف انعقادها في ظل أزمات وتحديات عربية وإقليمية، أو بسبب قوة قراراتها المفصلية.
وفي هذا الخصوص أثبتت مملكة البحرين نجاحها واحترافها في قيادة العمل العربي خلال رئاستها لأعمال القمة العربية الخامسة عشرة التي عقدت في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية الشقيقة عام 2003، والتي عقدت في ظروف سياسية وأمنية استثنائية.
كما درجت مملكة البحرين على ترؤس العديد من اجتماعات مجلس الجامعة والمجلس الوزاري واللجان العربية، واستضافة كثير من الاجتماعات الوزارية العربية، ومنها اجتماع المجلس الوزاري العربي للسياحة، ومجلس محافظي صندوق النقد العربي، واجتماعات منظمة المرأة العربية واجتماع اتحاد البرلمان العربي وغيرها، فيما تأتي استضافة المملكة هذا العام لأعمال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية الثالثة والثلاثين “قمة البحرين” في سابقة هي الأولى في تاريخ انعقاد القمم العربية تتويجًا لعقود من العمل العربي المشترك المستدام، بالنظر إلى ما تحمله من ملفات مثقلة، والتئامها في توقيت شديد الأهمية وبالغ الدقة.
وعلى مدار عقود، شكل الهدف الاستراتيجي في الدفاع عن مقدرات الشعوب العربية وحماية أمنها واستقلالها واستقرارها ومكتسباتها الحضارية، أولوية كبرى لمملكة البحرين في إطار عملها داخل البيت العربي، إضافة إلى جهود المملكة الحثيثة في تطوير آليات وأدوات العمل العربي المشترك وتعزيز القدرات الدفاعية والعسكرية العربية وتنمية مواردها الاقتصادية واستدامتها، والتوسع في توظيف الدبلوماسية السلمية في حل النزاعات والقضايا.
وفي هذا الإطار برز دور مملكة البحرين المؤثر والفاعل في دعم ورفد العمل العربي المشترك، خلال العهد الزاهر لجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، وذلك بفضل الرؤى الثاقبة والحكيمة لجلالته في استشراف المستقبل والإلمام بتداعيات الأحداث والقضايا العربية وتأثيرها وتفاعلها مع القضايا والأحداث الدولية الراهنة، كما ساهمت الجهود اللامحدودة لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، في استكمال الرؤية الملكية السامية لأهمية العمل على تعميق دور مملكة البحرين في تحقيق التضامن العربي على كافة المستويات.
وفي ظل المتغيرات الدولية السياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم من حولنا، أدركت مملكة البحرين أهمية تنمية الشراكات العربية الإقليمية، والعربية الدولية، وأيضا العربية العربية، وصياغة تحالفات وشراكات استراتيجية مع الدول الصديقة والحليفة تحقيقاً للمصالح المشتركة وحفاظا على الإقليم في حالة سلام واستقرار وتعاون مستدام.
وفي هذا الخصوص قدمت مملكة البحرين العديد من المبادرات والخطط وشاركت في كثير من لجان العمل الدائمة لتفعيل سياسات جامعة الدول العربية التوافقية في مجالات السلام الشامل والتصدي للإرهاب ووقف الحروب وتهديدات أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، لتحقيق تطلعات الشعوب العربية للعيش في إقليم مستقر تنتشر فيه قيم التعايش الإنساني المشترك واحترام اختلاف الثقافات والأديان والأعراق، وهي القيم الإنسانية النبيلة التي تنتهجها مملكة البحرين في ظل قيادة جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، وجُبلت على تعاليمها منذ القدم.
ويمكن تلخيص أهم وأبرز المبادرات والمواقف الرائدة والثابتة التي تبنتها مملكة البحرين وشاركت فيها بدور محوري على كافة المستويات تدعيماً للعمل العربي المشترك في التالي:
– مبادرة جلالة الملك المعظم بإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، اهتماماً من جلالته بآليات تعزيز منظومة حقوق الإنسان على المستوى العربي وتكريساً لنهج مملكة البحرين في تعزيز وحماية حقوق الإنسان وصون كرامة المواطن العربي وتحقيق تطلعاته في العيش الكريم بأمن واستقرار.
– مبادرة جلالة الملك المعظم بتأسيس “البورصة العربية المشتركة” وأن تكون مملكة البحرين حاضنة لها، والتي أقرتها بالإجماع قمة الرياض الاقتصادية في يناير 2013 وأثمرت عن تأسيس “شركة البورصة العربية المشتركة القابضة” ومقرها البحرين لتكون الحاضنة الرئيسة لمنظومة البورصات العربية المشتركة المستقلة التي تعتزم تغطية جميع الوطن العربي، ما يعكس المكانة الاقتصادية والثقة الكبيرة التي تتمتع بها مملكة البحرين كمركز مالي ومصرفي متميز في المنطقة العربية.
-عضوية مملكة البحرين في لجنة مبادرة السلام العربية منذ تأسيسها في قمة بيروت الرابعة عشرة عام 2002 والتي أطلقها آنذاك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه وتهدف إلى تحقيق السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين باعتباره خياراً استراتيجياً لابد منه.
– تشديد مملكة البحرين في كل المناسبات والمحافل على موقفها الثابت والداعم للقضية الفلسطينية من خلال المساعي البحرينية للتوصل إلى سلام شامل وعادل في الشرق الأوسط يقوم على حل الدولتين لتثبيت الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق لإقامة دولته المستقلة على أراضيه، وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لحدود الرابع من يونيو 1967، وقرارات الأمم المتحدة، والتأكيد على أن القضية الفلسطينية قضية تاريخ وهوية وعروبة وأمة، وتنسيق المواقف العربية تجاهها ضرورة، وواجب إنساني وأخلاقي وسياسي.
– المشاركة في القمم العربية الإسلامية والعربية الافريقية، والعربية الأمريكية، والعربية الأوروبية، والعربية الروسية، والعربية مع دول الآسيان وغيرها بهدف إقامة حوار مفتوح مع هذه الكيانات والدول الاستراتيجية والمحورية الهامة والانفتاح على الدول والشعوب والحضارات الأخرى وتوسيع أفق التعاون والشراكة معها.
– الترحيب الدائم باستضافة مملكة البحرين لأية مؤسسة عربية تدفع باتجاه تعزيز العمل العربي، ومن ذلك استضافتها الشركة العربية لبناء وإصلاح السفن (أسري) التابعة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، وهي من المنظمات المتخصصة التابعة لجامعة الدول العربية.
كما أسهمت الكفاءات البحرينية في الدفع بالعمل العربي المشترك، حيث تولت مملكة البحرين العديد من المناصب القيادية منذ انضمامها للجامعة العربية ما يؤكد حرص المملكة الدائم على أن يشارك أبناؤها في خدمة ودعم مسيرة العمل العربي المشترك، حيث يتولى حالياً سعادة السفير خليل إبراهيم الذوادي، منصب الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون العربية والأمن القومي بالجامعة العربية، ويتولى سعادة السفير يوسف جميل، منصب رئيس بعثة جامعة الدول العربية في نيودلهي، كما يتولى السيد عادل عبدالرحمن العسومي، عضو مجلس الشورى منصب رئيس البرلمان العربي للدورة الثانية على التوالي وغيرهم الكثيرون ممن أسهموا في السابق بخبراتهم وجهودهم التي كانت ولازالت محل اعتزاز وتقدير.
المصدر: وكالة أنباء البحرين