إلى أين، أبناء الوطن؟
يواجه الصومال اليوم تحديات جسيمة تتطلب منا جميعًا الوقوف صفًا واحدًا ضد التطرف والإرهاب، فالوطن لا يُبنى إلا بتكاتف أبنائه ودعم قيادته الشرعية.
في هذه الليالي المباركة من العشر الأواخر من رمضان، يبقى الدعاء سلاحًا قويًا، لكن العمل والتكاتف أيضًا ضروريان لتحقيق الأمن والاستقرار. لا تراجع عن حماية الوطن، ولا مجال لمليشيات الشباب الإرهابية التي تسعى لزعزعة الأمن. النصر، بإذن الله، سيكون حليفًا لمن يعمل بإخلاص من أجل الصومال.
لن نبرح حتى نناجز الإرهابيين ونحمي أرضنا وشعبنا.
الجيش الوطني يحقق تقدمًا.. والإرهاب يتقهقر
العمليات العسكرية ضد الإرهاب تتواصل بقوة في مختلف أنحاء البلاد، حيث تمكنت القوات المسلحة، بدعم من الاستخبارات الوطنية، من تنفيذ ضربات نوعية استهدفت معاقل مليشيات الشباب الإرهابية. آخر التقارير تشير إلى تصفية عشرات العناصر الإرهابية في منطقتي سبيد وعانولي بشبيلي السفلى، وهي خطوة تعكس العزيمة الصلبة للدولة في استئصال الإرهاب من جذوره.
هذه الإنجازات على الأرض ليست مجرد أرقام، بل دليل على التضحيات الجسيمة التي يقدمها أبطالنا في الجيش والأجهزة الأمنية، من أجل أن ينعم كل مواطن بالأمن والاستقرار. المسؤولية اليوم تقع على عاتق الجميع؛ فالوقوف مع الدولة ومساندة قواتنا المسلحة هو واجب وطني لا يحتمل التأجيل.
إن المعركة لم تنتهِ بعد، لكنها تمضي بثبات نحو تحقيق الهدف المنشود: صومال آمن ومستقر، خالٍ من الإرهاب.
الحرب النفسية.. وسلاح الشائعات
إلى جانب المعارك العسكرية، يخوض الصومال حربًا أخرى لا تقل خطورة: الحرب النفسية والشائعات المغرضة. تسعى حركة الشباب الإرهابية إلى نشر الأكاذيب وبثّ الفتن عبر وسائل الإعلام المضللة ومنصات التواصل الاجتماعي، في محاولة يائسة لزرع الخوف والتشكيك في نفوس المواطنين.
علينا جميعًا أن نكون على قدر المسؤولية، فلا نسمح لهذه الشائعات أن تهزّ ثقتنا في دولتنا وجيشنا. المعلومة الصحيحة تُؤخذ من مصادرها الرسمية، وليس من قنوات مشبوهة تسعى لهدم ما نبنيه. الحرب ليست فقط في ميادين القتال، بل أيضًا في العقول والقلوب.
بوحدتنا، ووعينا، وثباتنا، سننتصر في هذه الحرب على جميع الجبهات.
التحديات السياسية.. والوحدة الوطنية ضرورة ملحة
لا يمكن كسب الحرب ضد الإرهاب في ظل الانقسامات السياسية والتجاذبات الداخلية. لقد آن الأوان لأن يضع الجميع، سواء كانوا في الحكومة، أو المعارضة، أو حكومات الولايات الفيدرالية، أو أي طرف يختلف مع الإدارة الحالية، خلافاتهم جانبًا، ويقدموا مصلحة الوطن فوق أي اعتبار.
الإرهاب لا يفرق بين صومالي وآخر، بل يستهدف الجميع دون تمييز. لذا، يجب أن تتوحد الجهود، وأن يعمل الجميع تحت راية واحدة: تحرير الصومال من الإرهاب، وبناء مستقبل مستقر وآمن للأجيال القادمة.
هذه ليست حرب الحكومة وحدها، بل هي حرب كل صومالي حريص على أمن بلده واستقلال قراره. الحوار، والتفاهم، والتعاون، هي أدواتنا في هذه المرحلة، فلا مجال للمزايدات أو تصفية الحسابات السياسية عندما يكون الوطن بأكمله في خطر.
الشكر للدول الصديقة.. تركيا نموذجًا للدعم المستمر
في هذه الحرب المصيرية، لم يكن الصومال وحيدًا، فقد وقفت إلى جانبه دول صديقة قدمت الدعم العسكري واللوجستي لتعزيز قدراته في مواجهة الإرهاب. تركيا كانت في مقدمة هذه الدول، حيث قدمت دعمًا حاسمًا من خلال تزويد الصومال بطائرات مسيرة متطورة (بيرقدار TB2)، التي كان لها دور فعال في استهداف قيادات وعناصر حركة الشباب الإرهابية بدقة عالية.
لم يقتصر الدعم التركي على الجانب العسكري فقط، بل شمل أيضًا تدريب القوات الخاصة الصومالية (Gorgor)، وتقديم المساعدات اللوجستية لتعزيز قدرات الجيش الوطني. هذه الشراكة الاستراتيجية بين الصومال وتركيا تعكس عمق العلاقات بين البلدين، وتجسد التضامن الحقيقي في مواجهة التحديات المشتركة.
نثمن كل دعم يأتي من أصدقائنا وشركائنا الدوليين، فهذه الحرب ليست معركة الصومال وحده، بل هي معركة ضد الإرهاب الذي يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها.
معًا، بجهودنا المشتركة ودعم حلفائنا، سنحقق النصر، وسينهض الصومال أكثر قوة واستقرارًا.
بقلم الأستاذ الكاتب: عداني محبوب