مقديشو 12 جمادى الآخرة 1447هـ الموافق 03 ديسمبر 2025م (صونا)- توفي أمس الاثنين في كندا الوزير الصومالي الأسبق علي محمد هرابي، الشهير باسم “علي هغري”، عن عمر بلغ 107 أعوام، بعد مسيرة حافلة في العمل السياسي والإعلامي والدبلوماسي، جعلته واحدًا من أبرز رجالات الدولة في تاريخ الصومال الحديث. وكان الراحل من آخر الشخصيات الباقية من أعضاء أول برلمان صومالي وأحد وجوه الجيل التأسيسي للحكومة الوطنية بعد الاستقلال.
وُلد علي هغري في مدينة “عدلي” بمحافظة شبيلي الوسطى، حيث بدأ تعلّم القرآن الكريم قبل أن ينتقل إلى مقديشو لمتابعة علوم الدين واللغة والسياسة. وفي وقت مبكر من حياته، انضم إلى رابطة الشباب الصومالية (SYL)، ليتدرج لاحقًا في صفوفها حتى وصل إلى منصب الأمين العام للحركة عام 1966، كما شارك في أنشطة الوفود الوطنية خلال فترة الوصاية، ورافق عبد الله عيسى محمود في محافل دولية للمطالبة بتعجيل استقلال الصومال.
ومع بزوغ فجر الدولة الصومالية الحديثة عام 1960، أصبح علي هغري جزءًا من الجيل السياسي الأول، حيث عُيّن وزيرًا للإعلام والسياحة في حكومة رئيس الوزراء عبد الرشيد علي شرماركي (1960–1964). وأثناء توليه المنصب، أسهم في وضع اللبنات الأولى لمؤسسات الإعلام الوطني، وأطلق برامج ابتعاث مهني إلى أوروبا شملت أكثر من 200 متدرب في قطاعات الإعلام والطيران والسياحة. كما وقّع أول اتفاقية تعاون إعلامي بين الصومال وجمهورية الصين، في خطوة عُدّت تحولًا مهمًا في العلاقات الخارجية للدولة الفتية.
واشتهر الراحل بنهجه الإداري القائم على النزاهة والكفاءة والعدالة، واكتسب ثقة كبار القادة السياسيين في تلك الفترة، وفي مقدمتهم الرئيس آدم عبد الله عثمان ورئيس الوزراء عبد الرشيد شرماركي. واستمر عضوًا في البرلمان حتى عام 1969، كما شغل منصب وزير دولة في رئاسة الجمهورية.
بعد الانقلاب العسكري في 1969، غادر علي هغري، البلاد، لكنه واصل نشاطه السياسي في الخارج. وكان من المؤسسين الأوائل لحركة SSF التي تحولت لاحقًا إلى جبهة SSDF عام 1978، كما شارك في تأسيس حركة USC عام 1989، وكان أحد الموقعين على بيان المانيفستو عام 1990، والذي مثّل أحد أبرز التحركات السياسية المعارضة للنظام آنذاك.
ونعى وزير الإعلام والثقافة والسياحة، السيد داوود أويس جامع، الفقيد قائلاً: “رحم الله الراحل علي محمد هرابي الذي كان أحد قادة حزب SYL ووزيرًا في عدة حكومات. لقد ترك أثرًا كبيرًا في مسيرة الدولة الصومالية، وأقدم تعازيّ للشعب الصومالي وعائلته الكريمة.”
ترك علي هغري خلفه أبناءً وأحفادًا يفخرون بإرثه الوطني ومسيرته الممتدة لأكثر من سبعة عقود، ويُذكر اليوم كواحد من أبرز بناة الدولة الصومالية، ورمزًا للالتزام الوطني والعمل العام. وستظل بصماته حاضرة في تاريخ الإعلام والسياسة، وفي ذاكرة الأجيال التي تأثرت بسيرته وإنجازاته.


