مقديشو 23 شعبان 1444 هـ الموافق 15 مارس 2023 م (صونا) – برز مصطلح (مغترب) منذ بداية الثمانينات من القرن التاسع عشر في الصومال ، ويقصد به :
شريحة من المواطنين الصوماليين الموجودين في بلاد الاغتراب بشكل مؤقت أو دائم لأسباب مختلفة، و يعرفون محلياً ” غربجوغ”، ويُشار به على وجه خاص إلى المغتربين في أوروبا وأمريكا ، فظاهرة الإغتراب استحوذت على اهتمام كثير من الصوماليين لاسيما بعد انهيار الحكومة المركزية بدوافع عديدة وأهمّها الأسباب الإقتصاديّة والسياسيّة و الثقافية والعلميّة وغيرها.
بالرغم من صعوبة ترك الوطن ، إلا أن هناك العديد من فوائد السفر من مكان إلى آخر ، وقد تكون هذه الفوائد والمميزات ، والايجابيات نفسية ، أو اجتماعية ، أو ثقافية ، إلى جانب الاقتصادية.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
سافر تجد عوضا عمن تفارقه***وانصب فإن لذيذ العيش في النصب.
إن المغتربين الصوماليين اكتسبوا العديد من المهارات والخبرات الحياتية، وبالتالي بإمكانهم البدء في مشاريع تجارية ناجحة داخل الصومال، نظراً لخبراتهم المتراكمة في المجال التجاري، يقدر عدد المغتربين الصوماليين في المهجر قرابة مليونين ،وفقا لإحصائيات إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمانة العامة للأمم المتحدة لعام 2015م، حافظوا على هؤلاء المغتربين من خلال التواصل مع ذويهم كما أنهم يسهمون بشكل كبير في الاقتصاد ووسائل العيش داخل الوطن من خلال التحويلات المادية، والمساعدات الإنسانية وأيضًا المشاركة في جهود الإنعاش وإعادة الإعمار، واشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه يتم إرسال 1.6 مليار دولار من التحويلات سنويًا من قبل المغتربين الصوماليين الذين يعيشون في شمال أمريكا وأوروبا ودول الخليج العربي وتركيا .
وقد ساهمت هذه التحويلات المالية في الحفاظ على تماسك المجتمع الصومالي الذي يملك كل مقومات الوحدة،وتعتبر تحويلات المغتربين أكبر مصدر للنقد الأجنبي في الصومال، ويعتمد كثير من سكانه البالغ عددهم 18 ملايين شخص على تلك التحويلات التي تبلغ نحو 1.2 مليار دولار سنويا40%.
بعد انتخابات الرئاسة الصومالية عام 2012م،وتشكيل الحكومة الفيدرالية برئاسة عبدي فارح شردون، وتحسن الوضع الأمني في البلاد – تزايد عدد المغتربين الصومالين العائدين الي الوطن كهجرة معاكسة – إن صحّ التّعبير – لزيارة الأقرباء والأصدقاء فقط، بل انّما أيضا لأجل الإقامة والاستثمار في المجالات المختلفة، وردِّ الجميل لبلدهم الأصل الذي اشتاقوا له طويلا لشواطئه الرمليّة ومناخه العذب المُعتدِل، وهم أكثر الفئات استثماراً في العاصمة حيث أقاموا مشاريع تجارية مختلفة .
ويقول مدير قسم شؤون المغتربين والجاليات بوزارة الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الفيدرالية الصومالية، السيد إبراهيم غوري محمد في حديثه لوكالة الأنباء الوطنية :”تم تأسيس هذا القسم في عام 2013م استجابة لمطالب المواطنين المغتربين المقيمين في خارج البلاد وتحفيزهم على الاستثمار في بلدهم والمساهمة في التطورات الجارية التي تعكف الحكومة على إدارتها وتنفيذها، من خلال تقديم المعلومات الصحيحة لهم ضمن الجهود المستمرة لإحداث فارق حقيقي فى مسيرة التنمية والنهضة الشاملة فى البلاد، بعد جهود حثيثة لقد تمت عرض على النسخة الأولى من سياسة المغتربين الصوماليين أمام مجلس الوزراء في 9مارس 2023م ومن المتتظر إجازتها الأسبوع القادم، الغرض من هذه السياسة هي ربط المغتربين وتوثيق صِلاتهم بالوطن الام وتحقيق مصالح الحكومة تجاه المغتربين الصوماليين في تنمية البلاد.يشكل المغتربون جزءا كبيرا من الحراك السياسي والاقتصادي والتعليمي في الصومال، كما يلعبون دورًا مهمًا في دعم المجتمع الصومالي، وخاصة عندما تحدث موجات الجفاف أو الكوارث الطبيعية ، وتعتمد حياة آلاف من الأسر الصومالية على الأموال التى يرسلها هؤلاء لذويهم.
ويتابع أحمد محمد، المستشار الاعلامي في قسم شؤون المغتربين والجاليات بوزارة الخارجية ويقول :” نبذل جهودا حثيثة لبناء جسر التواصل بين المواطنين المغتربين في الخارج وبين وطنهم الأم من خلال توفير المعلومات والمشورة الفنية وتسهيل الحصول عليها بهدف جذب الكفاءات الاغترابية واستثمارات المغتربين العائدين إلى البلاد،مضيفا بأن العاصمة الصومالية مقديشو تشهد منذ مطلع عام 2012م عودة المغتربين إلى البلاد بفضل تحسن الأوضاع الأمنية، وأن كثيرا منهم تقلد مناصب رفيعة في الحكومة الفيدرالية، وبعضهم أنشأ أعمالا تجارية لم تكن معروفة في العاصمة من قبل، بينما يقدرعدد المغتربين الصوماليين في المهجرة قرابة مليونين؛ إلا أن نسبة المغتربين العائدين إلى البلاد منذ عام 2012م تصل حوالي 3%ما يساوي ستة آلاف مغترب صومالي. ساهم المغتربون الصوماليون فى دعم التنمية المحلية ولم يغيبوا يومًا عن التطورات التي حدثت في البلاد، فقد شكّلوا علامة فارقة في التاريخ الصومالي المعاصر، وكانت لهم بصمات واضحة في مختلف المجالات الحيوية،مع ارتفاع عدد المغتربين العائدين من الخارج بنسبة 5% خلال 2017م،ما يساوى عشرات الآلاف من المغتربين الصوماليين، ولهم دور مهم حيوي في خدمة وطنهم، اعترافاً بكونهم ثروة وطنية وشُركاء في التنمية من خلال إنشائهم مشاريع اقتصادية يستفيد منها المغترب والبلد في آن واحد. حوالي 30% من المشاريع الريادية و الأعمال الجارية في مقديشو يديرها المغتربون العائدون، وتتضمن الاستثمارات في مشاريع متعددة وشركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتجارية والخدمية واللوجستية بإلاضافة إلى تشغيل المرافق الصحية والعقارات و المطاعم والحدائق العامة وغيرها.”
بقلم الكاتب الصحفي : أحمد جيسود