مقديشو 17 شوال 1440 الموافق 20 يونيو 2019 (صونا) – نالت جمهورية الصومال استقلالها من المستعمرتين البريطانية والإيطالية في عام 1960 وذلك بعد كفاح طويل ضحى الآباء والأجداد في سبيل الحصول على الحرية والسيادة الكاملتين ليتمتع بهما الجيل الجديد من أبناء البلاد.
والمعروف أن الاستعمار الأوربي قسم أراضينا إلى أجزاء، حيث أخذت بريطانيا الجزء الشمالي من البلاد، وإيطاليا الجزء الجنوبي، بينما احتل الفرنسيون على الصومالي الفرنسي المعروف حاليا بجيبوتي.
ورغم عدم وجود نظام سياسي يربط القومية الصومالية آنذاك إلا انهم وقفوا ضد الاستعمار، وكانو يرون أن الكفار هاجموا ويريدون أخذ أرضهم، فلا بد من مواجهتهم، ودفاع عرضهم وأموالهم.
هذا ولم يقف المناضلون مكتوفي الأيدي أمام التدخل السافر للغزاة الأجانب الذين كانوا يريدون استغلال ثروات البلاد على غرار الدول الإفريقية الأخرى، ولذا انطلقت شرارة الثورات التحررية التي قام بها الصوماليين بمن فيهم علماء الدين ، ومن أشهر الحركات الوطنية التحررية ، حركة المناضل أحمد جورري التي كانت فاتحة الحركات الثورية و، حركة الدراويش، وحركة الشيخ حسن برنسي، ووحدة الشباب الصومالي.
وقد قادت ثورة الدراويش وهي ، حركة مقاومة تحررية السيد محمد عبدالله حسن حيث كون جيشا من مختلف القبائل الصومالية، من أقصى الجنوب إلى أطراف الشمال، ونشر له قواعد وقلاعا عسكرية على طول وعرض الوطن الصومالي ليحارب القوى الاستعمارية.
ولقد تحلى محمد عبد الله حسن بصفات فريدة هيأته لقيادة تلك الثورة الناجحة، منها سعة أفقه وعلمه وخبرته التي إكتسبها من جولاته العديدة في العالم الاسلامي، والتي مكنته من الاحتكاك بكثير من العلماء والمصلحين، والتعرف على الحركات الاصلاحية التحررية في أنحاء العالم الاسلامي، إضافة الى الصفات الشخصية القوية التي كان يتمتع بها من قوة الإرادة والعزيمة والحنكة السياسية وطلاقة اللسان ووفرة العلم.
لقد بدأ السيد محمد ثورته في بربرة بعد عودته من الحج بتقديم احتجاجات على الممارسات البريطانية والنشاطات التبشيرية، وساءت علاقته مع السلطات البريطانية إلى ان انتقل الى التنظيم العسكري واعلان الجهاد ضد المستعمرين.
وانتصر السيد محمد في معظم المعارك التي خاضها مع البريطانيين ومن اشهرها، معركة فرطدن في يوليو 1901م، ومعركة أفبكيلي في يونيو 1901م، ومعركة بحر طيغ في أبريل عام 1903م، ومعركة عغاروين في أبريل 1902م، ومعركة بيرطيغا في أكتوبر 1901م.
وعند ما فشل الاستعمار للتخلص من ثورة ومقامة الدراويش، اضطرالبريطانيون باستخدام الطائرات الحربية في أول مرة في إفريقيا، وقصفوا “تليح” عاصمة الدراويش .
وحدة الشبابالصومالي
أسس ثلاثة عشر شابا نادي ثقافي أسمه ” نادي الشباب الصومالي”في مايوعام 1943م، ثم تحول النادي إلى حزب سياسيباسم “حزب وحدة الشباب الصومالي” ، حيث وضعوا أهدافا، منها:
تحرير الوطن، وحدة الصومال، ومحاربة القبلية والتفرق، وجعل الصومال جمهورية ديمقراطية، واعتبار الاسلام دين الدولة الرسمي، بالإضافة إلى تعليم الناس ورفع مستواهم الثقافي والفكري.
بدأ الشباب في توعية الناس، والعمل على توحيد صفوف الحركات التحررية، وفتحوا مكاتيب فرعية في أنحاء البلاد.
في نوفمبر 1949م، أعلنت الأمم المتحدة الوصاية الإيطالية على الصومال، بشرط أن يكون ذلك تحت مراقبة دولية، وأن تشجع إيطاليا على تطور النظم السياسية الحرة و تساعد على تقدم سكان الإقليم نحو الاستقلال خلال عشر سنوات .
راحت الدول الإستعمارية تسعى إلى عرقلة حصول الصومال على الاستقلال في الموعد المحدد، ورأت في نجاح تجربة الامم المتحذة تهديدا لمصالحها في إفريقيا، لأن استقلال الصومال سيكون دافعا قويا للدول الإفريقية الأخرى.
واتجهت بعض القوي الاستعمارية إلى إفساد تجربة الوصاية علي صوماليا وتأخير فوزها بالاستقلال، ولكن عزم شعب صوماليا على الفوز بالاستقلال إن لم يكن موعد الاستقلال في الموعد المحدد فليكن قبله وليس بعده.
وفي سبيل الاستقلال كافح شعب الصومال داخل بلاده وخارجه. ففي الداخل طالبت جميع الأحزاب الساسية بدلا من أول ديسمبر من نفس السنة 1960م بتقديم موعد إعلان الاستقلال إلى شهر يوليو.
ولم تكن جهود الصوماليين خارج بلادهم أقل منها داخلها، بل وأعنف من ذلك، اذ عملوا بشتي الوسائل على اسماع صيحاتهم إلى جميع شعوب العالم والمحافل الدولية.
واستعاد الشعب الصومالي من الاستعمار الأوربي الإنجليزي والإيطالي حرية جزأين من الأجزء الخمسة التي قسمها الأروربيون ببلاد الصومال، وذلك بعد كفاح مرير وتضحيات جسام بذلتها أفلاد أكباد الشعب الصومالي من غال ونفيس، ولم يهد المستعمر الشعب الصومالي حرية من تلقاء نفسه، وإنما رغم أنفه.
قبل أربعة أيام من استقلال 1960 يونيو استقل الجزء الشمالي من البلد عن الحكم عن الحكم البريطاني في الأول من يوليو الجزء الجنوبي عن الحكم الإيطالي .