مقديشو 05 رجب 1441 – الموافق 01 مارس 2020 (صونا) – يعرف التطوع بأنه “الجهد الذي يبذله أي إنسان بلا مقابل لمجتمعه بدافع منه للإسهام في تحمل مسؤوليته تجاه وطنه”.
والمتطوع هو الشخص الذي يسخّر نفسه عن طواعية ودون إكراه أو ضغوط خارجية لمساعدة ومؤازرة الآخرين بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد وتعدد القوى في اتجاه واحد، ويسعى العمل التطوعي لخلق روح انسانية تعاونية بين أفراد المجتمع الواحد والمجتمعات المختلفة.
شهدت الصومال منذ انهيار الحكومة المركزية بقيادة الجنرال الراحل محمد سياد بري عام 1991 ،دمار وخراب على مستوى كبير للمرافق العامة والطرقات والبنية التحتية للبلاد، وغياب الخدمات الاجتماعية ،حيث أن الحروب والصرعات الأهلية أتت على الأخضر واليابس.
إن تعافي البلاد وعودتها إلى مجدها السابق لن يكون بهذه السهولة ولن يتحقق بين ليلة وضحاها، ولن تسطيع الحكومة في ظل الإمكانيات الشحيحة المتوفرة نقل البلاد إلى مرحلة الازدهار دون إيمان المواطنين بأنها مسؤولية جماعية.
قبل أن تفكر الحكومة الفيدرالية في بناء المرافق العامة والبنية التحية كان لابد لها من بناء وعي بين أبناء المجتمع كافة في تحمل مسؤولية تقدم البلاد ورخائها.
ومن هذا المنطلق دشّنت الحكومة الفيدرالية برنامج الحملة التطوعية لإعادة بناء المرافق الحيوية العامة والمعالم التاريخية في البلاد.
ووضع رئيس الجمهورية فخامة محمد عبدالله فرماجو ،حجر الأساس لإعادة بناء وترميم المتحف الوطني في الـ9 من شهر ديسمبر 2018 ،فكانت هذه المناسبة بداية لبرنامج الحملة التطوعية.
وأشار فخامته خلال المناسبة إلى أهمية تعاون المجتمع لبناء الوطن دون انتظار مساعدات خارجية.
أن الهدف الحقيقي والسامي من وراء هذا البرنامج هو تعزيز دور الفرد ومساهمته في بناء وطنه والإيمان بأن الوطن هو ملك للجميع ومسؤوليته لا تقع على عاتق الدولة لوحدها بل علينا جميعاً ،ويجب أن نساهم بكل مانملك ولا ندخر جهداً في سبيل إعمار و تقدم البلاد .
وتسعى الحكومة الفيدرالية من خلال هذا البرنامج إلى غرس قيم التعاون والتكامل بين أفراد المجتمع من خلال تسليط الضوء على ما قام به آباؤنا و أجدادنا من المشاركة في بناء الوطن وتقدمه وازدهاره والحفاظ على جماله .
ويتح هذا البرنامج الحميد فرصة للأجيال الصاعدة للمشاركة في إعادة إعمار البلاد فهو يصب في الصالح العام وفائدته تعم على الجميع.
إن المساهمة في إعادة بناء المسرح والمتحف والمكتبة الوطنية تعني تطوير وتعزيز العلم والمعرفة وجعلها متاحة للجميع كما تعني الحفاظ على تاريخ البلاد وإحياء العادات والتقاليد والتراث الوطني.
كما يعد بناء ملعب مقديشو الدولي فرصة لفئة الشباب لإبراز مهاراتهم الرياضية وإعادة المجال الرياضي إلى المحافل الدولية والإقليمية ،وعودة المعالم التاريخية إلى تبؤ مواقعها من أجل إلهام الإجيال الصاعدة في إحداث تغيير والمساهمة في الحفاظ على وحدة وحرية البلاد.
وبناء المستشفيات العامة يعني تقديم الخدمات الصحية للمواطنين بشكل مجاني ،وبناء الطرقات تساهم في تسهيل تحركات المواطنين وتنمية الاقتصاد الوطني .
وعلى أعتاب العام الثاني لتدشين برنامج الحملة التطوعية نلاحظ فرقاً واضحاً في صورة وبروز جمال الأماكن التي تجري فيها الحملة التي شارفت على الانتهاء.
إن أهم فائدة كسبها المجتمع الصومالي من هذا البرنامج التطوعي هو إتاحة الفرصة للموطنين أداء الواجب الوطني من منطلق كل فعل يشارك فيه المواطن و يتسبب به في إعلاء اسم وطنه،والارتقاء به يعد واجبا وطنيا.
وساهم هذا البرنامج في توفير فرص عمل مختلفة للعديد من الشبان مما يعني الحفاظ على إستقرار العديد من الأسر ،وتجنيب هولاء مخاطر الهجرة الغير شرعية.
كما أظهر هذا البرنامج استعداد الشعب الصومالي للمساهمة في بناء وتقدم بلاده دون انتظار مساعدات خارجية .
وعند الانتهاء من المرحلة الأولى لبرنامج الحملة التطوعية سيظهر جمال العاصمة مقديشو بشكل أفضل من السابق وستصل العالم رسالة بشرى بأن الصومال تعافت ووقفت مجدداً على قدميها.
وفي الختام من منطلق” من لا يشكر الناس لا يشكر الله” عقد رئيس الجمهورية فخامة محمد عبدالله فرماجو ،اجتماعاً مع قادة الحملة التطوعيه، في القصر الرئاسي ، لشكرهم وتشجيعهم على زيادة الجهود الرامية لإعادة بناء المرافق العامة في العاصمة مقديشو والانتقال إلى المرحلة الثانية من الحملة للنهوض بكافة محافظات البلاد.
وقال فخامته “إن هذا العمل المهم الذي تقومون به هو أمر حيوي لمستقبلنا القادم والجيل الجديد”.
برنامج الحملة التطوعية أوصل رسالة عظيمة مفادها ” ساهم في بناء وطنك” ، ولذلك يتعين على كل مواطن صومالي داخل الوطن وخارجه المشاركة في جهود إعادة إعمار وتقدم البلاد كلٌ بحسب استطاعته والحرص على نظافة شوارع البلاد لتبقى الصومال رمزاً للجمال والازدهار.
بقلم : الكاتبة الصحفية حفصة أحمد.